هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

طرح فكر و أدب الحزب الأتحادي الديمقراطي السوداني و مناقشة القضايا السودانية المختلفة وجمع أعضاء الحزب بدولة الكويت للمشورة و ابداء الراي

المواضيع الأخيرة

» الحسيب النسيب مولانا السيد على الميرغني ( رضي الله عنه )
حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Emptyالأحد نوفمبر 11, 2012 8:18 pm من طرف الشريف

» لقاء مولانا مع صحيف السوداني هذا ردي على سؤال الترشح لرئاسة الحزب
حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Emptyالأربعاء نوفمبر 07, 2012 9:19 pm من طرف الشريف

» لقاء جريدة الشرق الاوسط مع مولانا
حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Emptyالخميس ديسمبر 01, 2011 2:35 pm من طرف الشريف

» بيان هام من الحزب الإتحادي الديمقراطي...
حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Emptyالأربعاء نوفمبر 16, 2011 1:47 pm من طرف الشريف

» الصواعِق النارية في الرد على الطيب مصطفى مؤجج العنصرية!!!
حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Emptyالثلاثاء نوفمبر 15, 2011 3:00 pm من طرف الشريف

» مولانا الميرغني: المشاركة في السلطة ليست الأساس للاتحادي
حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Emptyالإثنين أكتوبر 24, 2011 5:00 pm من طرف الشريف

» شيخ المناضلون علي محمود حسنين في الذكري 46 لثورة أكتوبر المجيدة
حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Emptyالإثنين نوفمبر 08, 2010 9:31 pm من طرف الشريف

» مولانا لصحيفة الشرق الأوسط (لا تفريط في «سنتيمتر» واحد من أرض المليون ميل مربع)
حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Emptyالأربعاء يوليو 28, 2010 5:58 pm من طرف الميرغني

» الوصايا العشر لمن يريد أن يكون وزيراً فى التشكيلة المقبلة؟
حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Emptyالسبت يونيو 05, 2010 6:17 pm من طرف الشريف


    حول حولية مولانا السيد علي الميرغني

    الشريف
    الشريف
    المديــر
    المديــر


    عدد المساهمات : 441
    تاريخ التسجيل : 20/11/2008

    حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Empty حول حولية مولانا السيد علي الميرغني

    مُساهمة  الشريف السبت يناير 17, 2009 5:28 pm

    حول حولية مولانا السيد علي الميرغني..
    والمسار الصوفي والسياسي للمراغنة الختمية
    حول حولية مولانا السيد علي الميرغني P1-110

    بقلم د. عقيد (م) محجوب برير محمد نور
    بعد نهاية الحرب سافر زعماء الطوائف الأربع الكبرى وفي معيتهم نظار القبائل وزعماء العشائر لتهنئة ملك بريطانيا بانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى وكان ملك بريطانيا وقتذاك أعظم ملوك العالم قاطبة حيث جلس على عرش امبراطورية لا تغرب الشمس عنها.
    قلد ملك بريطانيا السيد علي الميرغني وسام فارس مصحوباً بلقب سير وكذلك فعل مع الإمام عبد الرحمن المهدي وأوسمة مختلفة لبقية أفراد الوفد السوداني. وكان ذلك اعترافاً ضمنياً من ملك بريطانيا بمكانتهم القيادية في البلاد.. ومما يجدر ذكره في هذا المقام أن جملة الذين نالوا ذلك الوسام وذلك اللقب من الأحياء في ذلك الوقت لا يتجاوزون المائة في كل أنحاء العالم !!! ومنهم ملوكاً وأباطرة وشخصيات بارزة من القادة العسكريين والمبدعين والعلماء .. ومن عجب، فبعد عودة ذلك الوفد من بريطانيا بما يحمل من الأوسمة والألقاب الرفيعة أنبرى الملك فؤاد الأول ليمنح الذين حملوا لقب "سير" درجة الباشوية، وهي أعلى درجة وأرفع لقب في الدولة المصرية. ومع ذلك، فإن أحداً لم يستنكر قبول أسلافنا لذلك اللقب. علماً بأن مصر هي الشريك الآخر في حكم البلاد.. إن من الإنصاف أن ننظر إلى الأمر برمته على أنه البداية الحقيقية لنضالنا الوطني.. لقد كان أسلافنا بحق أفذاذاً وعباقرة في قيادة المسيرة.
    أما في الحرب العالمية الثانية، فقد أعلن الطاغية النازي هتلر عن نزعته الرامية لسيادة الجنس الآري الذي ينتمي إليه على شعوب العالم كافة ولكي يقرب توجهه للأذهان تمثل شعوب العالم كجسم الإنسان، وجعل الجنس الآري بمثابة الجزء الأعلى الذي يحتوي الرأس المفكر والقلب النابض والرئتين اللتين بهما تكون الحياة. وجعل الأوربيين في موضع البطن، ثم مضي يرتب الأجناس واحداً بعد الآخر فجعل شعوب القارة السوداء بمثابة الحذاء الذي يصنع لحماية القدم!! وشرع يروج لهذا الفكر العقيم ويعد العدة لجعله أمراً واقعاً بعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية!! فما كان لشعب السودان العربي الأفريقي إلا أن ينهض دفاعاً عن كرامته ومكانته تحت الشمس، فأعلن وقوفه من الحلفاء ضد النازية والفاشية، ورغم إمكانات شعب السودان المحدودة إلا أن إسهامه في المجهود الحربي يفوق ما قدمته دول العالم الثالث للحلفاء !! فبذلوا أرواحهم في ملاحم الفداء، وضربوا أروع الأمثال في الشجاعة والبطولة الفذة حتى علت هاماتهم أكاليل النصر، فساق الإعجاب والإنصاف المستر (اتش سي جاكسون) إلى وصفهم بالمقاتلين الأشداء، وهو لقب نالوه عن جدارة واستحقاق أما داخل البلاد فقد ظل رواد الحركة الوطنية من الخريجين والمتعلمين والزعامات الدينية، يؤججون جذوة الكفاح دعماً للحلفاء الذين وعدوا بتحرير الشعوب المستعمرة إن أسهمت في المجهود الحربي والقتال، وحرصت بريطانيا على تكرار وتأكيد أن وعدها بمنح الاستقلال المرتجى لمن يشاركوها النصر وعدا غير مكذوب.
    في إطار دعم النشاط الصوفي السوداني للمجهود الحربي للحلفاء كان للشريفة مريم دور مشهود ومعروف كانت الشريفة مريم تقيم في مدينتي سواكن وسنكات، وهي ابنة السيد هاشم ابن الختم من أم هدندوية، وهي الراعية لمليشيات (المروج والفروستي) إبان الحرب العالمية الثانية، وهي قوات غير نظامية من قبائل البجة، أطلق على الأولى اسم "ميليشا المروج" إشارة لمروج العشب الخضراء عند سفوح الجبال والوديان في منطقة البحر الأحمر، وعلى الثانية اسم "ميليشا فروستي" وهو الاسم الذي أطلقه البريطانيون على الشيخ ترك زعيم قبائل الهدندوة آنذاك.
    والشريفة ذات نفوذ وكلمة مسموعة بين قبائل شرق السودان التي يدين معظمها بالولاء لطائفة الختمية، وقد تولت توجيه أتباعها إلى الانخراط في الميليشات للدفاع عن أرض الوطن. وكان الراغبون منهم يأتون لزيارتها تبركاً وبغرض الاستئذان منها. واستجاب الله تعالى لدعائهم فقد كانت امرأة تقية صالحة، ومن هم في مثل مقامها لا يخيب الله لهم دعاء". وعلى الجانب الآخر حيث قوات المحور في الديار الأرترية كانت أختها لأبيها السيدة علوية هي ابنة السيد هاشم من أم أرترية. ولدت الشريفة علوية بقرية خطوملو جوار مدينة مصوع في العاشرة من رمضان عام 1875م، وتوفيت إلى رحمة مولاها في العاشر من رمضان عام 1941م، ودفنت بمسقط رأسها قرية خطوملو. حفظت القرآن الكريم وهي في العاشر من عمرها، ودرست علوم الدين واللغة العربية، وعرفت بالزهد والتقى والعبادة، ودون جلبة أو إعلان أسلم لها بنو خؤولتها الأرتريون زعامتهم الدينية في مصوع وغيرها من الأمصار الأرترية فصارت زعيمة روحية تضرب لزيارتها أكباد الإبل.
    تزوجت في الثامنة عشر من عمرها من رجل من الأشراف اليمنيين ومات عنها وهي في العشرين من عمرها ثم تزوجت من رجل آخر وتطلقت منه باتفاق الطرفين لتتفرغ للذكر والعبادة والقيادة الصوفية، ولم تنجب من الرجلين.
    عند غزو الطليان لبلاد الحبشة وأرترياً، بدأوا بمدينة مصوع، وضربوا حولها حصاراً بحرياً وبرياً على بعد عدة أميال منها دام لأسبوعين عندئذ أعلنت السيدة علوية الجهاد وارتدت زياً عسكرياً
    الشريف
    الشريف
    المديــر
    المديــر


    عدد المساهمات : 441
    تاريخ التسجيل : 20/11/2008

    حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Empty رد: حول حولية مولانا السيد علي الميرغني

    مُساهمة  الشريف السبت يناير 17, 2009 5:30 pm

    وتمنطقت بطبنجة وأمرت أهل المدينة بإقامة المتاريس والاستعداد للذود عن أرضهم، فاستجابوا لها وأسلموها القيادة، وبعد أن علم قائد الحصار الإيطالي بهذا الأمر أرسل إليها رسالة عبر خمسة من ضباطه ومترجم أرتري أخطرها فيها أن أوامر دولته إيطاليا تقضي باحتلال أرتريا وهو لا يملك سوى تنفيذ هذا الأمر طوعاً أو كرهاً، فإذا لم تستسلم هي وأعوانها له فسوف يقدم على استلام المدينة عنوة، ونصح لها بأن (توازن القوى العسكري) ليس في صالحهم ولإثبات ذلك طلب منها إرسال عشرة رجال من أتباعها ليطلعوا على حال قوة الحصار ويطلعوها عليه حتى تتخذ الموقف والرأي الصائب، فوافقت الشريفة علوية على اقتراح القائد الإيطالي وأرسلت عشرة رجال من أهل الحل والعقد بمصوع فعادوا لها بقناعة الاستسلام للقوة الإيطالية خاصة بعد أن وعد قائدها بعدم استباحتا لجنده وعدم المساس بالمواطنين والمنشآت بل والإبقاء على السلطة الإدارية الوطنية القائمة مع دعمها بقيادة عسكرية إيطالية، ومن ثم دخلت القوة الإيطالية مدينة مصوع في يسر وسلام والتزم القائد الإيطالي بما وعد به.
    إزاء هذا الموقف دخل بنو عمومتها في مدينة (كرن) آل الشريف البكري الذي كانوا يعاضدون الشريفة مريم في سنكات دخلوا مع السيدة علوية في خلاف شديد إزاء تسليما لمدينة مصوع للإيطاليين دون قتال!! ووصفوها بالجذب الصوفي الذي يصل إلى حد (الغرق) وطلبوا من أهل القطر الإرتري عدم الانصياع لها خاصة بعد أن انتشر خبر أن قادة الجيش الإيطالي طلبوا منها أن تقدم النصح لأهل المدن والقرى والدساكر الإرترية بالاستسلام دون حرب مع وعد بمعاملتهم معاملة أهل وسكان مدينة مصوع، ففعلت، خاصة بعد أن تأكد لها أن احتلال الجيش الإيطالي للقطر الإرتري أمر واقع ولا سبيل إلى وقفه كما أن (توازن القوى العسكري) ليس في صالح أهل البلاد. وحدث أن رفضت بعض المدن والدساكر الإرترية الاستسلام واختاروا الحرب فكان أن سحقهم الجيش الإيطالي في وحشية بالغة واستولى على مدنهم عنوة واقتداراً.
    كانت السيدة علوية ترسل رسلها أولاً بالنصح بالاستسلام للقرى والمدن فإذا ما وافق أهلها على أمر الاستسلام سبقت هي الجيش الإيطالي إلى تلك المدن حتى تشرف على سلامتها وسلامة أهلها وإذا لم يوافق أهل المدن على قرار الاستسلام تركت الجيش الإيطالي يذهب كما يشاء. وإزاء مسلك السيدة علوية هذا أطلق الإيطاليون إشاعة مفادها أن النصر معقود بقدم السيدة علوية وأنهم سيصلون منتصرين لأي أرض تطأها رجل الشريفة علوية. ومن جانب آخر أصدر الدوتشي (موسيليني) قراراً بتعيين السيدة علوية في رتبة جنرال وعين بعضاً من خلفائها (جمع خليفة) في رتب عسكرية مختلفة ولكنها هي لم تقبل الرتبة العسكرية وقالت أنها إنما كانت تحرص على أمن وسلامة أهلها سكان إرتريا وليس لنصرة الجيش الإيطالي. ومن بعد رأت أن تقوم بزيارة أهلها في كسلا والخرطوم بحري ووصلت كسلا في معية بعض مريديها.
    الجنرال بلات:
    اتصل الجنرال بلات قائد قوة دفاع السودان بالحاكم العام وطلب منه الاتصال بالسيد علي الميرغني ليمنع امتداد رحلة السيدة علوية إلى الخرطوم بحري حتى لا يفضي ذلك لرفع روح الجيش الإيطالي المعنوية وانهيارها لدى أفراد قوة دفاع السودان والحلفاء. وبالفعل أرسل السيد علي الميرغني يطلب من عمته السيدة علوية عدم التوجه إلى الخرطوم بحري، ويعد بزيارتها واللقاء بها في كسلا. ولما كانت مدينة كسلا يومئذ تعاني من نقص في المواد الغذائية، فقد أمر مولانا السيد علي بتجهيز قطار رحمة لأهل المدينة.
    قام بتمويل حمولته كل من السيد علي الميرغني والإمام عبد الرحمن المهدي والسيد عبد الله الفاضل والشريف الهندي والتاجر عبد المنعم محمد ورصيفه محمد أحمد البرير والخواجة كونتو ميخالوس.
    عاد الإمام عبد الرحمن المهدي إلى داره بعد وداع السيد علي الميرغني، وحين انتظم مجلسه عصر ذلك اليوم سأله بعض خاصته من الأنصار في حيرة بادية:
    لقد خبرنا الانجليز الكفرة الأشرار في سوح الجهاد، منتصرين في معركة الخرطوم عام 1885م ومهزومين في كرري وأم دبيكرات عام 1898-1899م، وها هم يحكمون بلادنا قهراً بالقوة المسلحة فكيف ننتصر لهم اليوم يا سيدي!!! ونقف معهم محاربين مجاهدين؟؟.
    أطرق الإمام هنيهة ثم قال: أعلموا أيها الأحباب أننا لا ننتصر للانجليز المستعمرين بل نتجرد لحرب الدعوات الفاشية والنازية التي تدعو لإذلال الشعوب واضطهادها واستغلال مقدراتها ومواردها لمصلحة جنس بعينه، ونحن شعوب أفريقيا أكثر الناس استهدافاً لهذا النزوع المقيت، لذا فنحن نخوض معركة تؤمن حقنا في الحياة الكريمة، وفي سبيل هذا الهدف لا يهم بم نحارب ومع من نحارب حتى إذا انتصرنا وكسرنا شوكة النازية والفاشية، عدنا لمصاولة حلفائنا الانجليز ومطالبتهم بالجلاء عن ديارنا، وأؤكد لكم أيها الأحباب أن معركتنا في مواجهة حلفائنا ستكون أشد ضراوة وأعلى مهراً إذا لزم الأمر.
    فبدت علائم الرضا والطمأنينة على الوجوه وانصرف القوم إلى الحديث في أمور البلاد والعباد.
    وصل القطار إلى كسلا فاستقبله أهلها وكبار المسئولين استقبالاٌ حافلاً لم تشهد له المدينة مثيلاً من قبل، ونزل مولانا السيد علي الميرغني بدار ابن عمه السيد الحسن بقرية الختمية، وأمر بتفريغ القطار وتخزين حمولته لدى كل من السيد الحسن والسيد محمد عثمان الميرغني والبكباشي المتقاعد كيله والناظر ترك والشيخ فقيري، لتوزع على ذوي الحاجات من عامة أهل المدينة.
    مكث السيد علي في كسلا خمسة أيام التقى خلالها بعمته السيدة علوية ومريديه واتباع الطريقة الختمية، وطلب من السيدة علوية أن تعود إلى الديار الإرترية ففعلت من بعد، ثم عاد مولانا السيد علي بنفس القطار إلى الخرطوم.
    إن مسار تاريخ مولانا السيد علي الميرغني رضي الله عنه حافل بالشواهد على ما قام به من واجب الدعوة إلى الله تعالى والعمل لرفع راية الإسلام مرشداً ومعلماً. وجدير بالذكر أن مولانا السيد علي الميرغني أول من قدم للبرلمان السوداني مشروع قرار بمقترح الدستور الإسلامي عن طريق نواب الحزب الوطني إبان حقبة الديمقراطية الثانية -وكان المشروع في مرحلة القراءة الثانية لولا قيام ثورة مايو 1969م وهو أول من نادى بالتكامل الشامل بين مصر والسودان- تكاملاً يفضي في نهاية المطاف إلى وحدة وادي النيل وهو بذلك قد خط اسمه بمداد من نور في سجل تاريخنا الإسلامي وحركة جهادنا الوطني، فقرت عيناه برضا ربه، وشعب وادي النيل وصعدت روحه إلى بارئها في اليوم الحادي والعشرين من شهر فبراير 1968م، وما يزال راحلاً ومقيماً بيننا. نسأل الله تعالى له المغفرة والرضوان ولأهله ومريديه الصبر والسلوان.
    الشريف
    الشريف
    المديــر
    المديــر


    عدد المساهمات : 441
    تاريخ التسجيل : 20/11/2008

    حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Empty رد: حول حولية مولانا السيد علي الميرغني

    مُساهمة  الشريف السبت يناير 17, 2009 5:32 pm

    ((2)
    حول حولية مولانا السيد علي الميرغني..
    والمسار الصوفي والسياسي للمراغنة الختمية
    بعد نهاية الحرب سافر زعماء الطوائف الأربع الكبرى وفي معيتهم نظار القبائل وزعماء العشائر لتهنئة ملك بريطانيا بانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى وكان ملك بريطانيا وقتذاك أعظم ملوك العالم قاطبة حيث جلس على عرش امبراطورية لا تغرب الشمس عنها.
    قلد ملك بريطانيا السيد علي الميرغني وسام فارس مصحوباً بلقب سير وكذلك فعل مع الإمام عبد الرحمن المهدي وأوسمة مختلفة لبقية أفراد الوفد السوداني. وكان ذلك اعترافاً ضمنياً من ملك بريطانيا بمكانتهم القيادية في البلاد.. ومما يجدر ذكره في هذا المقام أن جملة الذين نالوا ذلك الوسام وذلك اللقب من الأحياء في ذلك الوقت لا يتجاوزون المائة في كل أنحاء العالم !!! ومنهم ملوكاً وأباطرة وشخصيات بارزة من القادة العسكريين والمبدعين والعلماء .. ومن عجب، فبعد عودة ذلك الوفد من بريطانيا بما يحمل من الأوسمة والألقاب الرفيعة أنبرى الملك فؤاد الأول ليمنح الذين حملوا لقب "سير" درجة الباشوية، وهي أعلى درجة وأرفع لقب في الدولة المصرية. ومع ذلك، فإن أحداً لم يستنكر قبول أسلافنا لذلك اللقب. علماً بأن مصر هي الشريك الآخر في حكم البلاد.. إن من الإنصاف أن ننظر إلى الأمر برمته على أنه البداية الحقيقية لنضالنا الوطني.. لقد كان أسلافنا بحق أفذاذاً وعباقرة في قيادة المسيرة.
    أما في الحرب العالمية الثانية، فقد أعلن الطاغية النازي هتلر عن نزعته الرامية لسيادة الجنس الآري الذي ينتمي إليه على شعوب العالم كافة ولكي يقرب توجهه للأذهان تمثل شعوب العالم كجسم الإنسان، وجعل الجنس الآري بمثابة الجزء الأعلى الذي يحتوي الرأس المفكر والقلب النابض والرئتين اللتين بهما تكون الحياة. وجعل الأوربيين في موضع البطن، ثم مضي يرتب الأجناس واحداً بعد الآخر فجعل شعوب القارة السوداء بمثابة الحذاء الذي يصنع لحماية القدم!! وشرع يروج لهذا الفكر العقيم ويعد العدة لجعله أمراً واقعاً بعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية!! فما كان لشعب السودان العربي الأفريقي إلا أن ينهض دفاعاً عن كرامته ومكانته تحت الشمس، فأعلن وقوفه من الحلفاء ضد النازية والفاشية، ورغم إمكانات شعب السودان المحدودة إلا أن إسهامه في المجهود الحربي يفوق ما قدمته دول العالم الثالث للحلفاء !! فبذلوا أرواحهم في ملاحم الفداء، وضربوا أروع الأمثال في الشجاعة والبطولة الفذة حتى علت هاماتهم أكاليل النصر، فساق الإعجاب والإنصاف المستر (اتش سي جاكسون) إلى وصفهم بالمقاتلين الأشداء، وهو لقب نالوه عن جدارة واستحقاق أما داخل البلاد فقد ظل رواد الحركة الوطنية من الخريجين والمتعلمين والزعامات الدينية، يؤججون جذوة الكفاح دعماً للحلفاء الذين وعدوا بتحرير الشعوب المستعمرة إن أسهمت في المجهود الحربي والقتال، وحرصت بريطانيا على تكرار وتأكيد أن وعدها بمنح الاستقلال المرتجى لمن يشاركوها النصر وعدا غير مكذوب.
    في إطار دعم النشاط الصوفي السوداني للمجهود الحربي للحلفاء كان للشريفة مريم دور مشهود ومعروف كانت الشريفة مريم تقيم في مدينتي سواكن وسنكات، وهي ابنة السيد هاشم ابن الختم من أم هدندوية، وهي الراعية لمليشيات (المروج والفروستي) إبان الحرب العالمية الثانية، وهي قوات غير نظامية من قبائل البجة، أطلق على الأولى اسم "ميليشا المروج" إشارة لمروج العشب الخضراء عند سفوح الجبال والوديان في منطقة البحر الأحمر، وعلى الثانية اسم "ميليشا فروستي" وهو الاسم الذي أطلقه البريطانيون على الشيخ ترك زعيم قبائل الهدندوة آنذاك.
    والشريفة ذات نفوذ وكلمة مسموعة بين قبائل شرق السودان التي يدين معظمها بالولاء لطائفة الختمية، وقد تولت توجيه أتباعها إلى الانخراط في الميليشات للدفاع عن أرض الوطن. وكان الراغبون منهم يأتون لزيارتها تبركاً وبغرض الاستئذان منها. واستجاب الله تعالى لدعائهم فقد كانت امرأة تقية صالحة، ومن هم في مثل مقامها لا يخيب الله لهم دعاء". وعلى الجانب الآخر حيث قوات المحور في الديار الأرترية كانت أختها لأبيها السيدة علوية هي ابنة السيد هاشم من أم أرترية. ولدت الشريفة علوية بقرية خطوملو جوار مدينة مصوع في العاشرة من رمضان عام 1875م، وتوفيت إلى رحمة مولاها في العاشر من رمضان عام 1941م، ودفنت بمسقط رأسها قرية خطوملو. حفظت القرآن الكريم وهي في العاشر من عمرها، ودرست علوم الدين واللغة العربية، وعرفت بالزهد والتقى والعبادة، ودون جلبة أو إعلان أسلم لها بنو خؤولتها الأرتريون زعامتهم الدينية في مصوع وغيرها من الأمصار الأرترية فصارت زعيمة روحية تضرب لزيارتها أكباد الإبل.
    تزوجت في الثامنة عشر من عمرها من رجل من الأشراف اليمنيين ومات عنها وهي في العشرين من عمرها ثم تزوجت من رجل آخر وتطلقت منه باتفاق الطرفين لتتفرغ للذكر والعبادة والقيادة الصوفية، ولم تنجب من الرجلين.
    عند غزو الطليان لبلاد الحبشة وأرترياً، بدأوا بمدينة مصوع، وضربوا حولها حصاراً بحرياً وبرياً على بعد عدة أميال منها دام لأسبوعين عندئذ أعلنت السيدة علوية الجهاد وارتدت زياً عسكرياً وتمنطقت بطبنجة وأمرت أهل المدينة بإقامة المتاريس والاستعداد للذود عن أرضهم، فاستجابوا لها وأسلموها القيادة، وبعد أن علم قائد الحصار الإيطالي بهذا الأمر أرسل إليها رسالة عبر خمسة من ضباطه ومترجم أرتري أخطرها فيها أن أوامر دولته إيطاليا تقضي باحتلال أرتريا وهو لا يملك سوى تنفيذ هذا الأمر طوعاً أو كرهاً، فإذا لم تستسلم هي وأعوانها له فسوف يقدم على استلام المدينة عنوة، ونصح لها بأن (توازن القوى العسكري) ليس في صالحهم ولإثبات ذلك طلب منها إرسال عشرة رجال من أتباعها ليطلعوا على حال قوة الحصار ويطلعوها عليه حتى تتخذ الموقف والرأي الصائب،
    الشريف
    الشريف
    المديــر
    المديــر


    عدد المساهمات : 441
    تاريخ التسجيل : 20/11/2008

    حول حولية مولانا السيد علي الميرغني Empty رد: حول حولية مولانا السيد علي الميرغني

    مُساهمة  الشريف السبت يناير 17, 2009 5:33 pm

    تابع (2)
    فوافقت الشريفة علوية على اقتراح القائد الإيطالي وأرسلت عشرة رجال من أهل الحل والعقد بمصوع فعادوا لها بقناعة الاستسلام للقوة الإيطالية خاصة بعد أن وعد قائدها بعدم استباحتا لجنده وعدم المساس بالمواطنين والمنشآت بل والإبقاء على السلطة الإدارية الوطنية القائمة مع دعمها بقيادة عسكرية إيطالية، ومن ثم دخلت القوة الإيطالية مدينة مصوع في يسر وسلام والتزم القائد الإيطالي بما وعد به.
    إزاء هذا الموقف دخل بنو عمومتها في مدينة (كرن) آل الشريف البكري الذي كانوا يعاضدون الشريفة مريم في سنكات دخلوا مع السيدة علوية في خلاف شديد إزاء تسليما لمدينة مصوع للإيطاليين دون قتال!! ووصفوها بالجذب الصوفي الذي يصل إلى حد (الغرق) وطلبوا من أهل القطر الإرتري عدم الانصياع لها خاصة بعد أن انتشر خبر أن قادة الجيش الإيطالي طلبوا منها أن تقدم النصح لأهل المدن والقرى والدساكر الإرترية بالاستسلام دون حرب مع وعد بمعاملتهم معاملة أهل وسكان مدينة مصوع، ففعلت، خاصة بعد أن تأكد لها أن احتلال الجيش الإيطالي للقطر الإرتري أمر واقع ولا سبيل إلى وقفه كما أن (توازن القوى العسكري) ليس في صالح أهل البلاد. وحدث أن رفضت بعض المدن والدساكر الإرترية الاستسلام واختاروا الحرب فكان أن سحقهم الجيش الإيطالي في وحشية بالغة واستولى على مدنهم عنوة واقتداراً.
    كانت السيدة علوية ترسل رسلها أولاً بالنصح بالاستسلام للقرى والمدن فإذا ما وافق أهلها على أمر الاستسلام سبقت هي الجيش الإيطالي إلى تلك المدن حتى تشرف على سلامتها وسلامة أهلها وإذا لم يوافق أهل المدن على قرار الاستسلام تركت الجيش الإيطالي يذهب كما يشاء. وإزاء مسلك السيدة علوية هذا أطلق الإيطاليون إشاعة مفادها أن النصر معقود بقدم السيدة علوية وأنهم سيصلون منتصرين لأي أرض تطأها رجل الشريفة علوية. ومن جانب آخر أصدر الدوتشي (موسيليني) قراراً بتعيين السيدة علوية في رتبة جنرال وعين بعضاً من خلفائها (جمع خليفة) في رتب عسكرية مختلفة ولكنها هي لم تقبل الرتبة العسكرية وقالت أنها إنما كانت تحرص على أمن وسلامة أهلها سكان إرتريا وليس لنصرة الجيش الإيطالي. ومن بعد رأت أن تقوم بزيارة أهلها في كسلا والخرطوم بحري ووصلت كسلا في معية بعض مريديها.
    الجنرال بلات:
    اتصل الجنرال بلات قائد قوة دفاع السودان بالحاكم العام وطلب منه الاتصال بالسيد علي الميرغني ليمنع امتداد رحلة السيدة علوية إلى الخرطوم بحري حتى لا يفضي ذلك لرفع روح الجيش الإيطالي المعنوية وانهيارها لدى أفراد قوة دفاع السودان والحلفاء. وبالفعل أرسل السيد علي الميرغني يطلب من عمته السيدة علوية عدم التوجه إلى الخرطوم بحري، ويعد بزيارتها واللقاء بها في كسلا. ولما كانت مدينة كسلا يومئذ تعاني من نقص في المواد الغذائية، فقد أمر مولانا السيد علي بتجهيز قطار رحمة لأهل المدينة.
    قام بتمويل حمولته كل من السيد علي الميرغني والإمام عبد الرحمن المهدي والسيد عبد الله الفاضل والشريف الهندي والتاجر عبد المنعم محمد ورصيفه محمد أحمد البرير والخواجة كونتو ميخالوس.
    عاد الإمام عبد الرحمن المهدي إلى داره بعد وداع السيد علي الميرغني، وحين انتظم مجلسه عصر ذلك اليوم سأله بعض خاصته من الأنصار في حيرة بادية:
    لقد خبرنا الانجليز الكفرة الأشرار في سوح الجهاد، منتصرين في معركة الخرطوم عام 1885م ومهزومين في كرري وأم دبيكرات عام 1898-1899م، وها هم يحكمون بلادنا قهراً بالقوة المسلحة فكيف ننتصر لهم اليوم يا سيدي!!! ونقف معهم محاربين مجاهدين؟؟.
    أطرق الإمام هنيهة ثم قال: أعلموا أيها الأحباب أننا لا ننتصر للانجليز المستعمرين بل نتجرد لحرب الدعوات الفاشية والنازية التي تدعو لإذلال الشعوب واضطهادها واستغلال مقدراتها ومواردها لمصلحة جنس بعينه، ونحن شعوب أفريقيا أكثر الناس استهدافاً لهذا النزوع المقيت، لذا فنحن نخوض معركة تؤمن حقنا في الحياة الكريمة، وفي سبيل هذا الهدف لا يهم بم نحارب ومع من نحارب حتى إذا انتصرنا وكسرنا شوكة النازية والفاشية، عدنا لمصاولة حلفائنا الانجليز ومطالبتهم بالجلاء عن ديارنا، وأؤكد لكم أيها الأحباب أن معركتنا في مواجهة حلفائنا ستكون أشد ضراوة وأعلى مهراً إذا لزم الأمر.
    فبدت علائم الرضا والطمأنينة على الوجوه وانصرف القوم إلى الحديث في أمور البلاد والعباد.
    وصل القطار إلى كسلا فاستقبله أهلها وكبار المسئولين استقبالاٌ حافلاً لم تشهد له المدينة مثيلاً من قبل، ونزل مولانا السيد علي الميرغني بدار ابن عمه السيد الحسن بقرية الختمية، وأمر بتفريغ القطار وتخزين حمولته لدى كل من السيد الحسن والسيد محمد عثمان الميرغني والبكباشي المتقاعد كيله والناظر ترك والشيخ فقيري، لتوزع على ذوي الحاجات من عامة أهل المدينة.
    مكث السيد علي في كسلا خمسة أيام التقى خلالها بعمته السيدة علوية ومريديه واتباع الطريقة الختمية، وطلب من السيدة علوية أن تعود إلى الديار الإرترية ففعلت من بعد، ثم عاد مولانا السيد علي بنفس القطار إلى الخرطوم.
    إن مسار تاريخ مولانا السيد علي الميرغني رضي الله عنه حافل بالشواهد على ما قام به من واجب الدعوة إلى الله تعالى والعمل لرفع راية الإسلام مرشداً ومعلماً. وجدير بالذكر أن مولانا السيد علي الميرغني أول من قدم للبرلمان السوداني مشروع قرار بمقترح الدستور الإسلامي عن طريق نواب الحزب الوطني إبان حقبة الديمقراطية الثانية -وكان المشروع في مرحلة القراءة الثانية لولا قيام ثورة مايو 1969م وهو أول من نادى بالتكامل الشامل بين مصر والسودان- تكاملاً يفضي في نهاية المطاف إلى وحدة وادي النيل وهو بذلك قد خط اسمه بمداد من نور في سجل تاريخنا الإسلامي وحركة جهادنا الوطني، فقرت عيناه برضا ربه، وشعب وادي النيل وصعدت روحه إلى بارئها في اليوم الحادي والعشرين من شهر فبراير 1968م، وما يزال راحلاً ومقيماً بيننا. نسأل الله تعالى له المغفرة والرضوان ولأهله ومريديه الصبر والسلوان.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 3:41 pm