بروفيسور/ محمد عثمان عبد المالك
تقييم الوضع الراهن للحزب
(أ) أوجه القوة في الحزب
1/ تمثيله للحزب القومي الجامع في البلاد:
فقد امتدت جذوره جغرافياً وتاريخياً وثقافياً ودينياً واثنياً لتصل الى كافة أشكال وألوان الطيف السوداني دون تفرقة بينها:
دينياً: رغم أن الطريقة الختمية شكلت قاعدته الاساسية ورعايته التاريخية، إلا انه جمع بين صفوفه عدداً كبيراً من مؤيدي الطرق الصوفية الاخرى. ولم يتبن الحزب موقفاً دينياً عقائدياً معيناً، مما سمح لكل هذه الطوائف المختلفة ان تجد لها موقعاً تحت مظلته، كما ضم الحزب عدداً مقدراً من المسلمين غير المنتمين إلى أية من الطوائف الدينية ومن غير المسلمين من مسيحيين جنوبيين واقباط ومن العلمانيين أيضاً.
جغرافياً واثنياً: فقد عكست عضويته ومؤيدوه كافة اقاليم السودان ومختلف كياناته القبلية بما في ذلك جنوب السودان، كما اتضح سابقاً من فوزه بعدد مقدر من الدوائر الجغرافية فيه خلال انتخابات عام 1968م وحالياً من القبول الذي يجده لدى الاخوة الجنوبيين من خلال علاقاته الاستراتيجية مع الحركة الشعبية المستمرة
منذ عام 1988م.
فئوياً: احتل الحزب موقعاً مميزاً في مختلف مؤسسات المجتمع المدني. وكان له شرف قيادة اتحادات المزارعين والعمال ونقابات المهنيين في العديد من دوراتها، كما كان له دور بارز في مناشط شريحة التجار ورجال الاعمال. وعليه يمكن القول بأنه كان سباقاً الى ولوج ميدان ما عرف لاحقاً بالقوى الحديثة.
وانه استطاع المزج بينها وبين ما يشار إليه بالقوى التقليدية.
تاريخياً: كان اول حزب يتبنى الدعوة لوحدة وادي النيل (والتي اصبحت الآن مطروحة بطريقة أو بأخرى على اجندة معظم الاحزاب السودانية)، اضافة الى دوره المعروف في تحقيق استقلال السودان ورفع علمه التاريخي وجلاء القوات الاجنبية عن اراضيه وتمكين السودنة، فاستحق عن جدارة مسمى ((حزب الحركة الوطنية).
2/ مسلكه الحضاري: فقد عرف بأنه حزب مسالم، إذ لم تكن له مليشيات مسلحة او جناح عسكري كما لم يلجأ للعنف. ولعل هذا السلوك كان من العوامل التي جذبت إليه الشرائح المستنيرة في المجتمع.
4/ وسطيته السياسية: التي تمثلت في مواقفه الداخلية المرنه المنفتحة ومواقفه الخارجية المعتدلة المتوازنة.
4/ كارزمية قياداته:
لقد كان لرعاية السيد علي الميرغني (رضوان الله عليه) للحزب بشخصيته الفذة وحنكته المشهودة. وللسيد اسماعيل الازهري ورفاقه من الرعيل الاول (يرحمهم الله) لقيادتهم الحكيمة للحزب والدولة ولتوجههم الوطني المسؤول الاثر الفعال في التأييد الشعبي الذي لقيه الحزب، مما انعكس في فوزه بالاغلبية في اول انتخابات عامة بعد الاستقلال. وفي الانجازات التي تحققت في البلاد، خاصة في المراحل الاولى من الحكم الوطني.
- وحالياً فإن السيد محمد عثمان الميرغني يقود سفينة الحزب بكفاءة واقتدار خلال العواصف التي تعترض سبيلها رغم وجوده بالخارج. ويمثل بحق صمام الامان الذي ينبغي ان تتحد حوله كافة قيادات وقواعد الحزب على اختلاف رؤاها. ويجمع المراقبون - حتى الذين يختلفون معه - على ان سيادته قد اكتسب خبرة سياسية كبيرة واحتل مكانة مرموقة خلال العقد الماضي، كما يتبين من قيادته للتجمع الوطني الديمقراطي ومن التقدير والاحترام الذين يحظى بهما على الصعيدين الاقليمي والدولي. وسيذكر التاريخ انه اول زعيم سوداني شمالي استطاع التواصل المشترك المستدام مع حركة اساساً جنوبية (الحركة الشعبية). وهو تواصل سعت وتسعى اليه الآن كافة القوى السودانية بما فيها الحزب الحاكم، دون ان يبلغ الشأن الذي وصل اليه مع الحزب الاتحادي الديمقراطي.ولعل أكبر دليل على الثقة في قيادة وقومية سيادته التفويض الذي منحه له التجمع للتحاور مع الحكومة. وتوج بتوقيع اتفاق جدة الاطاري الذي وجد تأييداً واسعاً من قبل معظم القوى على الساحة السودانية.
- كما ان الحزب مازال يحتفظ بعدد من قياداته الجاذبة في الشارع السوداني، سيما تلك التي ارتبطت تاريخياً بالنضال ضد الانظمة الشمولية التي تعاقبت على حكم البلاد.وعموماً يمكن القول بأن اوجه القوة هذه قد انعكست ايجاباً على الحزب، إذ مكنته من ان يلعب دوراً محورياً على الساحة السودانية، خاصة خلال المراحل الاولى للحكم الوطني. ومن المؤمل ان تجعله يستعيد هذا الدور في مرحلة ما بعد السلام.
(ب) أوجه الضعف في الحزب:
1/ لم يكن له برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي واضح ومحدد (على الاقل مكتوباً) يميزه عن سواه من الاحزاب.
2/ اتصف بأنه حزب (عفوي) ونشاطه ليس مبرمجاً او مستداماً، فكان ينشط عند مراحل الانتخابات وحين الازمات القومية، ثم يخمد كثيراً بين هذه الفترات.
3/ ظلت هيكليته التنظيمية تقليدية لم تتطور مع المستجدات.
4/ لم تجد الكوادر الشابة الفرص الكافية للصعود الى قيادة الحزب، كما تلاحظ ضعف مشاركة المرأة في قياداته العليا او حتى الوسيطة. ونذكر للمقارنة ان حزب الامة مثلاً قد خصص ما نسبته (20%) من كافة مستوياته التنظيمية للمرأة. وتمكنت بعض الكوادر النسوية فعلاً من احتلال مواقع متقدمة في الحزب، بل ان الحركة الشعبية وهي حديثة العهد بالعمل الحزبي قد خصصت (25%) من مقاعدها القيادية للمرأة، كما ان الكوادر الشابة قد حظيت بوضع جيد في قيادة كل من حزب الامة والحركة.
5/ لم تكن له آلية عمل تنفيذية واجرائية واضحة، مما جعله يدار احياناً بطريقة «الهرم المقلوب» فلا تؤخذ مرئيات قواعده في الاعتبار الكافي (مثلاً عند اختيار مرشحيه في الانتخابات، مما انعكس سلباً على نتائجها).
6/ لم يعقد مؤتمراته بصفة منتظمة، مما لم يسمح لممثلي قواعده بالمشاركة الفعالية في تطوير الحزب وفي عملية اتخاذ القرارات المهمة، بل حتى هيئته البرلمانية على ايام الديمقراطية لم تعقد اجتماعات ذات بال لمتابعة اداء وزراء الحزب في الحكومة.
7/ لم تنتظمه عضوية مسجلة معتمدة وملتزمة بتسديد الاشتراكات المقررة.
8/ لم يعرف له مصدر تمويل مستدام مثلاً في شكل استثمارات.
9/ تعددت لغة الخطاب الصادر عنه بسبب وجود بعض المحاور والتكتلات القيادية فيه. وان تركزت على مواقف اجرائية وتنظيمية وليس على مباديء الحزب.
وعموماً فقد انعكست اوجه الضعف هذه سلباً على الحزب، إذ أدت الى انصراف عدد مقدر من مؤيديه الفعليين والمحتملين عنه، خاصة في اوساط الشباب والطلاب والمرأة، إذ انضموا بداية الى الأحزاب اليسارية والاسلامية مروراً بصفوف المايويين وصولاً الى المؤتمر الوطني في عهد الانقاذ، بينما وقف البعض منهم خاصة شريحة الطلاب الى جانب «حركة المستقلين» (وهي حركة اقرب ما تكون الى توجه الحزب الاتحادي الديمقراطي) فيما آثر آخرون الوقوف على الرصيف، كما انعكست سلباً على سمعة ومكانة الحزب خاصة في الوسط الاعلام
التوجه المستقبلي للحزب:
في ضوء ما سبق وفي اطار التغيرات الماثلة والمرتقبة على الساحة الوطنية والاقليمية والدولية نورد المقترحات التالية:
1/ اتخاذ خطوات مدروسة وجادة لتفعيل «المؤسسية» في الحزب. ووضع آلية لتحديثه وتطويره في ما يتعلق بالمحاور التالية: رؤيته ورسالته،
اهدافه، سياساته واستراتيجياته، خططه وبرامجه، اسلوب ادائه، هيكله التنظيمي، عضويته، واختيار قياداته وغيرها من المحاور التي تجعل منه حزباً عصرياً عضويته محصورة وملتزمة. وتمويله ثابت ومعلوم. ومتصفاً بالشفافية والحسبة. وممكناً للديمقراطية والشورى وثقافة الاختلاف في اجهزة الحزب.
وربما يكون من الملائم تكيف «مجموعة عمل» من ذوي الدراية والخبرة في الحزب لاعداد تصور مبدئي حول هذه المحاور للتداول حوله في مؤتمر الحزب بغية اعتماده.
2/ السعي الحثيث لاسترداد قواعد الحزب التي فقدها خلال مسيرته ولاستقطاب قواعد جديدة خاصة وسط شريحة المستقلين.
3 / بلورة «هوية» الحزب بأن يكون فعلاً حزب الوسط الذي يمثل على الخارطة السودانية ما تمثله مثلاً الاحزاب الديمقراطية الاجتماعية على الخارطة الاوربية. وان يترسم خطى ما يعرف الآن «بالطريق الثالث» في المجالين السياسي والاقتصادي. وفي هذا الصدد يمكن النظر في اضافة كلمة (الاجتماعي) الى اسم الحزب او على الاقل التأكيد عليها في رسالته.
4/ تقسيم الادوار بين القيادة العليا والقيادة الوسيطة في الحزب، بحيث تكون القيادة العليا هي التي تمسك بدفة سفينة الحزب وتوجهها في اطار سياسة الحزب المرسومة، فيما تتولى القيادة الوسيطة مهمة التجديف.
5/ تعزيز اللا مركزية في الحزب، بما يسمح للجانه في الولايات ان يكون صوتها مسموعاً لدى القيادة العليا. وان تتم مشاورتها في القضايا المهمة. وان تترك لها حرية ممارسة شؤونها المحلية، بما في ذلك اختيار مرشحيها للانتخابات العامة.
6/ إنشاء (مجلس استشاري) لرئاسة الحزب لتزويدها بالآراء الراشدة حول مختلف الامور المطروحة على الساحة الداخلية والخارجية. ويكون بمثابة (البطانة الصالحة) لها. ويتشكل من مشائخ وعلماء ومفكري الحزب.
7/ انشاء (هيئة أو لجنة خبراء) للأمانة العامة للحزب تتكون من المتخصصين في شتى مناحي التنمية الشاملة (التعليم، الصحة، الشؤون الاجتماعية، الزراعة، الصناعة، التجارة، الاقتصاد، الاعلام، المعلوماتية، القانون، الدبلوماسية، الأمن، الدفاع.... الخ). ويمكن ان تنبثق عن (الامانات المتخصصة) في الحزب على ان تسندها (وحدة دراسات) و(قاعدة معلومات) وان تعد «ملفاً» متكاملاً عن كل من هذه المناحى يكون نواة لرؤية الحزب حولها ومرجعاً لقياداتها (ولوزرائه عندما يكون الحزب مشاركاً في الحكومة) .
8/ ايلاء الاهتمام الكافي لدور الحزب في المناشط الاجتماعية والثقافية والبيئية والرياضية والفنية ذات الصلة بالمجتمع.ختاماً نؤكد على ان وجود حزب اتحادي ديمقراطي (اجتماعي) معافي وموحد ومتجدد وفعال، لا يصب فقط في مصلحة الحزب نفسه أو مصلحة الديمقراطية الرابعة المرتقبة فحسب. وانما في نهاية المطاف في مصلحة البلاد العليا وبناء سودان المستقبل. وعليه يصبح هذا الامر ضرورة قومية تستدعى ان تتضافر لتحقيقه قيادات وقواعد الحزب بالحوار الهادف في اطار القواسم المشتركة. وبعيداً عن المحاور والتكتلات، بحيث يصبح التنوع الفكري في الحزب داعماً لوحدته وقوته لا مصدراً لتفتته وضعفه.
وبالله التوفيق
تقييم الوضع الراهن للحزب
(أ) أوجه القوة في الحزب
1/ تمثيله للحزب القومي الجامع في البلاد:
فقد امتدت جذوره جغرافياً وتاريخياً وثقافياً ودينياً واثنياً لتصل الى كافة أشكال وألوان الطيف السوداني دون تفرقة بينها:
دينياً: رغم أن الطريقة الختمية شكلت قاعدته الاساسية ورعايته التاريخية، إلا انه جمع بين صفوفه عدداً كبيراً من مؤيدي الطرق الصوفية الاخرى. ولم يتبن الحزب موقفاً دينياً عقائدياً معيناً، مما سمح لكل هذه الطوائف المختلفة ان تجد لها موقعاً تحت مظلته، كما ضم الحزب عدداً مقدراً من المسلمين غير المنتمين إلى أية من الطوائف الدينية ومن غير المسلمين من مسيحيين جنوبيين واقباط ومن العلمانيين أيضاً.
جغرافياً واثنياً: فقد عكست عضويته ومؤيدوه كافة اقاليم السودان ومختلف كياناته القبلية بما في ذلك جنوب السودان، كما اتضح سابقاً من فوزه بعدد مقدر من الدوائر الجغرافية فيه خلال انتخابات عام 1968م وحالياً من القبول الذي يجده لدى الاخوة الجنوبيين من خلال علاقاته الاستراتيجية مع الحركة الشعبية المستمرة
منذ عام 1988م.
فئوياً: احتل الحزب موقعاً مميزاً في مختلف مؤسسات المجتمع المدني. وكان له شرف قيادة اتحادات المزارعين والعمال ونقابات المهنيين في العديد من دوراتها، كما كان له دور بارز في مناشط شريحة التجار ورجال الاعمال. وعليه يمكن القول بأنه كان سباقاً الى ولوج ميدان ما عرف لاحقاً بالقوى الحديثة.
وانه استطاع المزج بينها وبين ما يشار إليه بالقوى التقليدية.
تاريخياً: كان اول حزب يتبنى الدعوة لوحدة وادي النيل (والتي اصبحت الآن مطروحة بطريقة أو بأخرى على اجندة معظم الاحزاب السودانية)، اضافة الى دوره المعروف في تحقيق استقلال السودان ورفع علمه التاريخي وجلاء القوات الاجنبية عن اراضيه وتمكين السودنة، فاستحق عن جدارة مسمى ((حزب الحركة الوطنية).
2/ مسلكه الحضاري: فقد عرف بأنه حزب مسالم، إذ لم تكن له مليشيات مسلحة او جناح عسكري كما لم يلجأ للعنف. ولعل هذا السلوك كان من العوامل التي جذبت إليه الشرائح المستنيرة في المجتمع.
4/ وسطيته السياسية: التي تمثلت في مواقفه الداخلية المرنه المنفتحة ومواقفه الخارجية المعتدلة المتوازنة.
4/ كارزمية قياداته:
لقد كان لرعاية السيد علي الميرغني (رضوان الله عليه) للحزب بشخصيته الفذة وحنكته المشهودة. وللسيد اسماعيل الازهري ورفاقه من الرعيل الاول (يرحمهم الله) لقيادتهم الحكيمة للحزب والدولة ولتوجههم الوطني المسؤول الاثر الفعال في التأييد الشعبي الذي لقيه الحزب، مما انعكس في فوزه بالاغلبية في اول انتخابات عامة بعد الاستقلال. وفي الانجازات التي تحققت في البلاد، خاصة في المراحل الاولى من الحكم الوطني.
- وحالياً فإن السيد محمد عثمان الميرغني يقود سفينة الحزب بكفاءة واقتدار خلال العواصف التي تعترض سبيلها رغم وجوده بالخارج. ويمثل بحق صمام الامان الذي ينبغي ان تتحد حوله كافة قيادات وقواعد الحزب على اختلاف رؤاها. ويجمع المراقبون - حتى الذين يختلفون معه - على ان سيادته قد اكتسب خبرة سياسية كبيرة واحتل مكانة مرموقة خلال العقد الماضي، كما يتبين من قيادته للتجمع الوطني الديمقراطي ومن التقدير والاحترام الذين يحظى بهما على الصعيدين الاقليمي والدولي. وسيذكر التاريخ انه اول زعيم سوداني شمالي استطاع التواصل المشترك المستدام مع حركة اساساً جنوبية (الحركة الشعبية). وهو تواصل سعت وتسعى اليه الآن كافة القوى السودانية بما فيها الحزب الحاكم، دون ان يبلغ الشأن الذي وصل اليه مع الحزب الاتحادي الديمقراطي.ولعل أكبر دليل على الثقة في قيادة وقومية سيادته التفويض الذي منحه له التجمع للتحاور مع الحكومة. وتوج بتوقيع اتفاق جدة الاطاري الذي وجد تأييداً واسعاً من قبل معظم القوى على الساحة السودانية.
- كما ان الحزب مازال يحتفظ بعدد من قياداته الجاذبة في الشارع السوداني، سيما تلك التي ارتبطت تاريخياً بالنضال ضد الانظمة الشمولية التي تعاقبت على حكم البلاد.وعموماً يمكن القول بأن اوجه القوة هذه قد انعكست ايجاباً على الحزب، إذ مكنته من ان يلعب دوراً محورياً على الساحة السودانية، خاصة خلال المراحل الاولى للحكم الوطني. ومن المؤمل ان تجعله يستعيد هذا الدور في مرحلة ما بعد السلام.
(ب) أوجه الضعف في الحزب:
1/ لم يكن له برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي واضح ومحدد (على الاقل مكتوباً) يميزه عن سواه من الاحزاب.
2/ اتصف بأنه حزب (عفوي) ونشاطه ليس مبرمجاً او مستداماً، فكان ينشط عند مراحل الانتخابات وحين الازمات القومية، ثم يخمد كثيراً بين هذه الفترات.
3/ ظلت هيكليته التنظيمية تقليدية لم تتطور مع المستجدات.
4/ لم تجد الكوادر الشابة الفرص الكافية للصعود الى قيادة الحزب، كما تلاحظ ضعف مشاركة المرأة في قياداته العليا او حتى الوسيطة. ونذكر للمقارنة ان حزب الامة مثلاً قد خصص ما نسبته (20%) من كافة مستوياته التنظيمية للمرأة. وتمكنت بعض الكوادر النسوية فعلاً من احتلال مواقع متقدمة في الحزب، بل ان الحركة الشعبية وهي حديثة العهد بالعمل الحزبي قد خصصت (25%) من مقاعدها القيادية للمرأة، كما ان الكوادر الشابة قد حظيت بوضع جيد في قيادة كل من حزب الامة والحركة.
5/ لم تكن له آلية عمل تنفيذية واجرائية واضحة، مما جعله يدار احياناً بطريقة «الهرم المقلوب» فلا تؤخذ مرئيات قواعده في الاعتبار الكافي (مثلاً عند اختيار مرشحيه في الانتخابات، مما انعكس سلباً على نتائجها).
6/ لم يعقد مؤتمراته بصفة منتظمة، مما لم يسمح لممثلي قواعده بالمشاركة الفعالية في تطوير الحزب وفي عملية اتخاذ القرارات المهمة، بل حتى هيئته البرلمانية على ايام الديمقراطية لم تعقد اجتماعات ذات بال لمتابعة اداء وزراء الحزب في الحكومة.
7/ لم تنتظمه عضوية مسجلة معتمدة وملتزمة بتسديد الاشتراكات المقررة.
8/ لم يعرف له مصدر تمويل مستدام مثلاً في شكل استثمارات.
9/ تعددت لغة الخطاب الصادر عنه بسبب وجود بعض المحاور والتكتلات القيادية فيه. وان تركزت على مواقف اجرائية وتنظيمية وليس على مباديء الحزب.
وعموماً فقد انعكست اوجه الضعف هذه سلباً على الحزب، إذ أدت الى انصراف عدد مقدر من مؤيديه الفعليين والمحتملين عنه، خاصة في اوساط الشباب والطلاب والمرأة، إذ انضموا بداية الى الأحزاب اليسارية والاسلامية مروراً بصفوف المايويين وصولاً الى المؤتمر الوطني في عهد الانقاذ، بينما وقف البعض منهم خاصة شريحة الطلاب الى جانب «حركة المستقلين» (وهي حركة اقرب ما تكون الى توجه الحزب الاتحادي الديمقراطي) فيما آثر آخرون الوقوف على الرصيف، كما انعكست سلباً على سمعة ومكانة الحزب خاصة في الوسط الاعلام
التوجه المستقبلي للحزب:
في ضوء ما سبق وفي اطار التغيرات الماثلة والمرتقبة على الساحة الوطنية والاقليمية والدولية نورد المقترحات التالية:
1/ اتخاذ خطوات مدروسة وجادة لتفعيل «المؤسسية» في الحزب. ووضع آلية لتحديثه وتطويره في ما يتعلق بالمحاور التالية: رؤيته ورسالته،
اهدافه، سياساته واستراتيجياته، خططه وبرامجه، اسلوب ادائه، هيكله التنظيمي، عضويته، واختيار قياداته وغيرها من المحاور التي تجعل منه حزباً عصرياً عضويته محصورة وملتزمة. وتمويله ثابت ومعلوم. ومتصفاً بالشفافية والحسبة. وممكناً للديمقراطية والشورى وثقافة الاختلاف في اجهزة الحزب.
وربما يكون من الملائم تكيف «مجموعة عمل» من ذوي الدراية والخبرة في الحزب لاعداد تصور مبدئي حول هذه المحاور للتداول حوله في مؤتمر الحزب بغية اعتماده.
2/ السعي الحثيث لاسترداد قواعد الحزب التي فقدها خلال مسيرته ولاستقطاب قواعد جديدة خاصة وسط شريحة المستقلين.
3 / بلورة «هوية» الحزب بأن يكون فعلاً حزب الوسط الذي يمثل على الخارطة السودانية ما تمثله مثلاً الاحزاب الديمقراطية الاجتماعية على الخارطة الاوربية. وان يترسم خطى ما يعرف الآن «بالطريق الثالث» في المجالين السياسي والاقتصادي. وفي هذا الصدد يمكن النظر في اضافة كلمة (الاجتماعي) الى اسم الحزب او على الاقل التأكيد عليها في رسالته.
4/ تقسيم الادوار بين القيادة العليا والقيادة الوسيطة في الحزب، بحيث تكون القيادة العليا هي التي تمسك بدفة سفينة الحزب وتوجهها في اطار سياسة الحزب المرسومة، فيما تتولى القيادة الوسيطة مهمة التجديف.
5/ تعزيز اللا مركزية في الحزب، بما يسمح للجانه في الولايات ان يكون صوتها مسموعاً لدى القيادة العليا. وان تتم مشاورتها في القضايا المهمة. وان تترك لها حرية ممارسة شؤونها المحلية، بما في ذلك اختيار مرشحيها للانتخابات العامة.
6/ إنشاء (مجلس استشاري) لرئاسة الحزب لتزويدها بالآراء الراشدة حول مختلف الامور المطروحة على الساحة الداخلية والخارجية. ويكون بمثابة (البطانة الصالحة) لها. ويتشكل من مشائخ وعلماء ومفكري الحزب.
7/ انشاء (هيئة أو لجنة خبراء) للأمانة العامة للحزب تتكون من المتخصصين في شتى مناحي التنمية الشاملة (التعليم، الصحة، الشؤون الاجتماعية، الزراعة، الصناعة، التجارة، الاقتصاد، الاعلام، المعلوماتية، القانون، الدبلوماسية، الأمن، الدفاع.... الخ). ويمكن ان تنبثق عن (الامانات المتخصصة) في الحزب على ان تسندها (وحدة دراسات) و(قاعدة معلومات) وان تعد «ملفاً» متكاملاً عن كل من هذه المناحى يكون نواة لرؤية الحزب حولها ومرجعاً لقياداتها (ولوزرائه عندما يكون الحزب مشاركاً في الحكومة) .
8/ ايلاء الاهتمام الكافي لدور الحزب في المناشط الاجتماعية والثقافية والبيئية والرياضية والفنية ذات الصلة بالمجتمع.ختاماً نؤكد على ان وجود حزب اتحادي ديمقراطي (اجتماعي) معافي وموحد ومتجدد وفعال، لا يصب فقط في مصلحة الحزب نفسه أو مصلحة الديمقراطية الرابعة المرتقبة فحسب. وانما في نهاية المطاف في مصلحة البلاد العليا وبناء سودان المستقبل. وعليه يصبح هذا الامر ضرورة قومية تستدعى ان تتضافر لتحقيقه قيادات وقواعد الحزب بالحوار الهادف في اطار القواسم المشتركة. وبعيداً عن المحاور والتكتلات، بحيث يصبح التنوع الفكري في الحزب داعماً لوحدته وقوته لا مصدراً لتفتته وضعفه.
وبالله التوفيق
الأحد نوفمبر 11, 2012 8:18 pm من طرف الشريف
» لقاء مولانا مع صحيف السوداني هذا ردي على سؤال الترشح لرئاسة الحزب
الأربعاء نوفمبر 07, 2012 9:19 pm من طرف الشريف
» لقاء جريدة الشرق الاوسط مع مولانا
الخميس ديسمبر 01, 2011 2:35 pm من طرف الشريف
» بيان هام من الحزب الإتحادي الديمقراطي...
الأربعاء نوفمبر 16, 2011 1:47 pm من طرف الشريف
» الصواعِق النارية في الرد على الطيب مصطفى مؤجج العنصرية!!!
الثلاثاء نوفمبر 15, 2011 3:00 pm من طرف الشريف
» مولانا الميرغني: المشاركة في السلطة ليست الأساس للاتحادي
الإثنين أكتوبر 24, 2011 5:00 pm من طرف الشريف
» شيخ المناضلون علي محمود حسنين في الذكري 46 لثورة أكتوبر المجيدة
الإثنين نوفمبر 08, 2010 9:31 pm من طرف الشريف
» مولانا لصحيفة الشرق الأوسط (لا تفريط في «سنتيمتر» واحد من أرض المليون ميل مربع)
الأربعاء يوليو 28, 2010 5:58 pm من طرف الميرغني
» الوصايا العشر لمن يريد أن يكون وزيراً فى التشكيلة المقبلة؟
السبت يونيو 05, 2010 6:17 pm من طرف الشريف